زي ما ذكرنا قبل كدة ان السينما المصرية كان فيها ممثلين حصروا نفسهم في أدوار الشر لدرجة إن لقبهم بقى "شرير السينما المصرية" ويعتبر توفيق الدقن هو أقدم شرير عرفته السينما. وبالرغم من نجاحه المبهر في عشرات الأفلام الي أدى فيها دور الشرير، إلا أن الجمهور وقتها كان ليه رأي تاني أو يمكن مكنش مستوعب فكرة فصل التمثيل عن الحقيقة. وده خلى معظم الناس في الشارع يعاملوه معاملة سيئة جدا. خلونا انهاردة نتعرف على مراحل حياة توفيق الدقن وعلى العقبات الي واجهها في حياته. 

ولد توفيق امين الدقن في يوم 3 من مايو سنة 1924 في محافظة المنوفية. وكان هو أكبر أشقائه عشان كدة كان بيعمل في حرف مختلفة ويساعد والده للإنفاق على الأسرة. وكان طفل رياضي جدا بيعشق كرة القدم ورياضة الملاكمة، وبالفعل فاز بكل البطولات الي كان بيشارك فيها. وبعد ما توفى والده انتقل مع أسرته لمحافظة المنيا، ومقعدش فيها كتير لانه انتقل في النهاية لمحافظة القاهرة وعمل فيها موظفا بالسكة الحديد. 

والتحق بمعهد الفنون المسرحية سنة 1946. وبعد سنة من تخرجه بدا يشارك في أدوار صغيرة لحد ما جتله فرصة كويسة في فيلم "ظهور الأسلام" وبعدها أصبح عضو من أعضاء فرقة المسرح الحر الي استمر في العمل فيها لمدة 7 سنوات، وبعدها انتقل للمسرح القومي الي ظل يعمل فيه حتى أحيل للتقاعد. 

وخلال سنوات عمله بالمسرح، شارك في أفلام ومسلسلات كتير جدا بس للأسف حصر نفسه في أدوار الشر دايما. ومن شدة تقمسه للأدوار الي كان بيأديها، كان الناس في الشارع بينسوا ان ده مجرد فيلم أو مسلسل وبيصدقوا ان دي شخصيته الحقيقية، وبالتالي بيعاملوه معاملة سيئة جدا. 

ولما سكن في العباسية، ذهب ليشتري بعض منتجات اللحوم فعامله الجزار بشكل سيء جدا ومكنش راضي يبيعله. وفضل كل ما يمر من أمام متجر اللحوم ده ينظر ليه الجزار نظرات سخرية واشمئزاز. 

ولما جت والدته للقاهرة عشان تتعالج من مرضها، شعرت بصدمة كبيرة جدا لما شافت الناس وهي بتعامل ابنها. ورغم محاولات توفيق الدقن لشرح الحقيقة ليها وهي إن التعامل ده بسبب الأفلام السينمائية الي بيمثل فيها، إلا إنها صاحبة ثقافة بسيطة ومقدرتش تستوعب الموقف. فساءت حالتها جدا وماتت بحسرتها من الي شافته.

بس على عكس الي ظنه كتير من الجمهور في توفيق الدقن، كان بيتميز بشخصية لطيفة جدا وكان رقيق في معاملاته مع الناس وعطوف على المحتاجين. ومن أبرز ألقابه الي لقب بيها وهو صغير "الشيخ العجوز" وده لأنه ختم القراءان أكتر من مرة. 

أما عن إنجازاته في السينما، فقد حصل على جوايز وأوسمة كتيرة جدا من أهمها وسام العلوم والفنون ودرع المسرح القومي. واستمر توفيق الدقن في التمثيل والحصول على الجوائز والأوسمة حتى أصيب بمرض الفشل الكلوي الي أودى بحياته في سنة 1988 بعدما اتم 65 سنة.