-->

القصة الحقيقة لبطل فيلم الفتوة كان يُطعم ألف فقير وبسببه أوشك فريد شوقي على الإفلاس

 

 

 

يُعتبر فيلم «الفتوة» من العلامات الفنية الفارقة في صناعة السينما المصرية، ولكن هل تعلم أن شخصية «هريدي»، ذلك الشاب الذي أتى من صعيد مصر للعمل في سوق الخضار.
وفقًا لقصة الفيلم العربي الشهير، يأتي الشاب «هريدي» من قريته في صعيد مصر قاصدًا سوق الخضار، بحثًا عن فرصة عمل في هذا العالم الجديد بالنسبة إليه، وبعد محاولات عدة يتمكن من الدخول تحت مظلة المعلم «أبوزيد»، صاحب السطوة الأكبر على التجار.
أيام قليلة وتمكن «هريدي» من معرفة جميع الأسرار عن سوق الخضار، حتى تفوّق على المعلم «أبوزيد»، الذي دخل السجن، أما الآخر فأصبحت له السطوة على سوق الخضار، وحاز على لقب البكوية .
كان هذا باختصار قصة فيلم «الفتوة» الذي جسد فيه الفنان فريد شوقي دور «هريدي»، وهي القصة المستوحاة من أحد التجار على أرض الواقع، وتم عرضه في إبريل 1957.
البطل الحقيقي لفيلم الفتوة
لم تكن هذه هي القصة وحسب، فأثناء عرض الفيلم، فوجئ أبطال العمل بسحب الفيلم من دور العرض، بعد أن رفع ورثة المعلم محمد زيدان، الشهير بـ «ملك الفاكهة»، دعوى قضائية ضد منتج العمل الفنان فريد شوقي، بتهمة التشهير.
وفقًا لما ذكرنه مجلة «الكواكب» في عددها الصادر بتاريخ 30 مايو 1957، بدأت الحكاية من توجه أنصار المعلم محمد زيدان إلى سينما «الكورسال» الذي يعرض الفيلم، وافتعلوا المشكلات وتم إغلاق دار العرض، حتى علم الجميع بأمر الدعوى القضائية.
وأشارت المجلة أن سحب الفيلم من دور العرض آنذاك كان بمثابة ضربة قوية للفنان فريد شوقي، الذي دوّن في مذكراته: «إن الفيلم الذي توقعت له نجاحًا كبيرًا وصرفت عليه 27 ألف جنيه سيتحول إلى خسارة كبيرة لي».
ومن القصص الطريفة التي صاحب القضية، أنه لعدم ثقة «وحش الشاشة» في محاميه الخاص، طلب من القاضي أن يترافع عن نفسه، وقال إنه موافق على مصادرة العمل، لكن بشرط التحقق من ثروة عائلة المعلم محمد زيدان، خاصةً أنه جمع بعضها من السراي والسوق السوداء، حسب ادّعائه، وختم حديثه بأن الفيلم من وحي الخيال، وصدر الحكم النهائي برفض الدعوى القضائية، وإعادة عرض الفيلم مرة أخرى على شاشات السينما.
وبالرجوع إلى الفيلم، نقلت مجلة «الكواكب» عن المخرج صلاح أبوسيف أنه استوحى الفكرة من تاجر فاكهة ذاع صيته داخل الأسواق، يُدعى محمد زيدان، واشتهر بـ «ملك الفاكهة» في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي.
واستطاع «زيدان» آنذاك توطيد علاقته بالملك ومسؤولي الدولة حتى أصبح متحكمًا في سوق الخضار، وفي 10 آلاف بائع كذلك، إلى أن لقي مصرعه في عام 1952.
وفي يومه الأخير، خرج «زيدان» من منزله قاصدًا سوق الخضار، حينها صادف شحاذًا وأعطاه حسنة، ليدعو له الأخير: «ربنا يكفيك شر طريقك»، وبعد أن أنهى مهامه توجّه إلى مزرعته في الجبل الأصفر، والتي استأجرها من وزارة الزراعة بمبلغ 32 ألف جنيه.
كانت مزرعة «زيدان» مخصصة لزراعة البرتقال، وفور وصوله فوجئ بإمساك رجاله بطفل سرق عددًا منها، إلا أنه أمرهم بتركه، مع نصحه له بعدم تكرارها.
بعدها ركب «زيدان» سيارته عائدة إلى منزله، وكان بصحبته سائقه الخاص، وأثناء مروره بكوبري عزبة حافظ رمضان باشا في محافظة القليوبية، استوقفه 3 رجال، بحجة وجود حفرة كبيرة في الطريق.
بعدها فوجئ «زيدان» وسائقه بإخراج الرجال الثلاثة أسلحةً وانهالوا على السيارة بالرصاص، وظهر آخرون من خلف الأشجار لإتمام مهمتهم، ليقتلوا «ملك الفاكهة» بـ 9 رصاصات.
وبحسب رواية «أرشيف مصر»، استقبل الجثمان ألفا رجل من أتباع «زيدان»، كان من بينهم أشقاؤه الـ 12، الذين رفضوا تقبّل واجب العزاء فيه قبل التعرف على قاتله.
وفي التحقيقات دارت الشبهات حول سائق «زيدان» الذي لم يفارق الحياة رغم الهجوم الشرس الذي تعرّض له، إلا أنه نفى ذلك عن نفسه مبديًا تعجبه من عدم تحرك حرس «ملك الفاكهة» معه في تلك الرحلة.
حينها نشرت الصحف تقارير تفيد بأن «زيدان» ترك 100 فدان، و100 ألف جنيه في البنوك، وحصصًا في 26 منزلًا بشبرا وبولاق، بجانب منزله في حي السكاكيني.
 
 
وبررت الجرائد ممتلكات «زيدان» إلى اضطراره لشراء تلك الحصص ليفك الكرب عنهم، موضحين أنه كان يوزع على الفقراء 1000 رغيف يوميًا، كما بنى مسجدًا بروض الفرج.