هكذا أصبحت روسيا أرثوذوكسية !



يعود تاريخ تأسيس الكنيسة الروسية الأرثوذوكسية إلى ألف عام و نيف، و تحديداً إلى عام 988 ميلادية، حين قرر أمير كييف فلاديمير الأول اعتناق المسيحية على المذهب الأرثوذوكسي و دعا جميع رعاياه ليحذوا حذوه، و في القرن الرابع عشر انتقل مقر الكنيسة الروسية إلى موسكو، و اليوم تعتبر روسيا أكبر بلد أرثوذوكسي في العالم. 

و الواقع أن لاعتناق روسيا الأرثوذوكسية قصة طريفة، فقد ارتبط هذا التحول المصيري في تاريخ الأمة الروسية بقرار رجل واحد، هو فلاديمير الأول الذي كان متردداً بين الإسلام و اليهودية و المسيحية الأرثوذوكسية و المسيحية الكاثوليكية، لكن قراره وقع أخيراً على الأرثوذوكسية، و إليكم التفاصيل : 

تعود بداية القصة إلى عام 978 حين أصبح فلاديمير الأول أميراً خلفاً لأبيه، و قد اتبع في البداية الديانة الوثنية التي اعتنقها أسلافه لقرون، و في عام 986 بدأت الشكوك تساور الأمير بشأن معتقداته الدينية فاستدعى مبعوثين عن أتباع مختلف الأديان، فجاء إليه أتباع الإسلام من بلاد التتار و حدثوه عن دينهم فأعجبت معتقداتهم الأمير لكنه لم يكن راضياً عن تحريم الإسلام لأكل لحم الخنزير و شرب الخمر خاصة أن الخمر كان جزءاً أساسياً من التقاليد في روسيا القديمة، ثم جاءه مبعوثون عن بابا روما، فاستمع إلى حديثهم ثم قال لهم : "إن آباءنا و أجدادنا لم يقبلوا قانونكم"، بعد ذلك جاء يهود بلاد الخزر و بعدما سمع الأمير حديثهم قال لهم : "كيف تعظون الآخرين في الوقت الذي نبذكم فيه الرب و جرى تشتيتكم في كافة أرجاء الأرض عقاباً على ما اقترفتموه من ذنوب، لو أحبكم الرب و أحب عقيدتكم لما شردكم في أراضي الغير، هل تريدون أن يكون مصيرنا مثل مصيركم"، أما البيزنطيون فقد بعثوا إلى فلاديمير بأحد فلاسفتهم الذي حدثه عن ميلاد المسيح و حياته و موته و قيامته.


تمثال الأمير فلاديمير في موسكو

بعد ذلك قرر فلاديمير إرسال مبعوثين إلى مختلف البلدان ليشاهدوا كيف تقام الطقوس الدينية في كل واحدة منها، و حين عادوا من جولتهم أبلغوه بأن مراسم العبادة في الكنائس الأرثوذوكسية التي شاهدوها في بيزنطة قد أعجبتهم أكثر من غيرها، كما أعجبهم شكل و تصميم الكنائس، فقالوا له : "حين أتينا إلى بلاد الروم و اقتادونا إلى كنيستهم حيث تجري طقوس العبادة، لم نعرف هل نحن في السماء أم على الأرض، و لا يوجد على الأرض ما هو أكثر جمالاً منها".

و بناء على نصيحة مندوبيه قرر فلاديمير اعتناق المسيحية على المذهب الأرثوذوكسي، و تعمد سكان كييف في معمودية جماعية بنهر الدنيبر على يد كهنة جيء بهم من بيزنطة، و مذ ذاك الحين أصبحت المسيحية الأرثوذوكسية هي الدين الرسمي للأمة الروسية.


لوحة تمثل تعميد سكان كييف بعد اعتناقهم  المسيحية عام 988
Next Post Previous Post
No Comment
Add Comment
comment url

ads