-->

جزء مني - كتابات أدبية بقلم مريم أحمد

 




ماذا لو أُزيل الستار بيننا ليكشف معاناة كلٌ منّا، ماذا لو استطعنا رؤية أنفسنا من الداخل؟
_ نرى قلبُ رجلٍ مُسِن يجلس وحيدا شاردا على سريرٍ ذي ملائةٍ بيضاء اللون في غرفة صغيرة بدار العَجزة، نرى عينيه في كل صباح وهي تترقب أبنائه السبع، ينتظر الإفاقة من الكابوس ليذهب إلى عمله، ينتظر ما هو جديد في يومه بعيدا عن المُسنين والأدوية وطاقم الممرضات، ثم ينتهي به الحال وهو يعتذر لصور أبناءه على تركه لهم طوال هذه المُدة يقول: ليس بيدي لكنهم منعوني من الخروج أحسستُ أني مُحاصَر هنا، لا تنسوا أن تغلقوا النوافذ في الليل كي لا تمرضوا أحبائي، أعلم أنكم ستفتقدوني آمل هذا، وداعا صِغاري.
 _في زاوية يجلس شابا عينيه مجهدتين، يُحدِق في أُرجوحةٍ قديمة أكلها الصدأ، تبدأ عيناه في جمع أدمُعِها ثم تتحول إلى ضحكاتٍ هستيرية ثم انفجر في البكاء وبدأ يصرخ "أُمّي أين أنتي؟" يحق للرجال أن تبكي وتصرخ، يحق للإنسان الصُراخ والانهيار فهذا العالم ليس مكاناً للضَحِك.
 _في مقهى تجلسُ فتاة وتشرب كوباً من القهوة وتُمسكُ بيدها سيجارة، تسقط قطرات دمعها في القهوة لتمتزج بها وتشربها الفتاة، لا أعلم كيف مزاقها وكيف لم تُدرك ان القهوة تزداد مرارتها، تلك التي تُركَت حديثا وانحلَ ما كان معقوداً بينها وبين زوجها بعد عدة أشهر من الزفاف، لتتلقى قولُ أُمها:"أخبرتك أنه لم يعد هناك حب ووفاء، قتل روميو نفسه وتَبِعَته جوليت، مَن أنتي لِتُعِيديه؟"
 ظواهر البشر مُخادِعة، فهذا الذي يعلو صوت ضحكته كان يبكي بالأمس حتى ارتجف جسده، وهذه التي تملك القوة يَغمُرها الخوف بداخلها، جميعنا كاذبون ومغرورن، جميعنا يدّعي المثالية وجميعنا مشوّهون من الداخل.
 #جُزء_توارى_عن_الانظار
 #مريم_أحمد