-->

أربعة ملوك حكموا الأرض ومن عليها، اثنان مؤمنان ومثلهما كافران

اربع ملوك حكموا الارض و من عليها


لا شك ان تاريخ البشرية التي تسكن هذه الأرض مليء بالحكام والملوك والاباطرة والسلاطين و ممن تنوعت القابهم و اسماؤهم تحت مظلة السلطة ،إلا ان اغلب هؤلاء الحكام و الملوك لم تتجاوز سلطتهم محيط شعوبهم و اقاليم ينتمون اليها الا في حال النزاعات و الحروب فتكون سلطتهم ممتدت الى اقاليم ليست بكثيرة في احسن الاحوال  ، لكن كان هناك أربعة ملوك فقط حكمهم بلغ ما لم يبلغه حاكم قبلهم او بعدهم و هم : سليمان ، ذو القرنين ، النمرود وبختنصر، نتعرف بإيجاز عن كل واحد منهم في هذا الموضوع المختصر.



1_ ذو القرنين

اسم عظيم من حكام الأرض وسمي بهذا الاسم لإعجاب الناس به وتحيةً لهمته العالية وشهامته وشجاعته، ولرؤيا رآها في منامه، سيأتي ذكرها لاحقًا.
وقد نشأ ذو القرنين في أمة مستعبدة ضعيفة سيطرت عليها دولة مجاورة وأجبرتها على دفع الجزية، فلما رأى ذو القرنين حال أمته بدأ يدعوهم إلى الاهتمام بعزتهم وكرامتهم والتوحد حوله وتأييده في التخلص من هذا الظلم، فرده قومه ومنعوه من الكلام بهذا حتى لا يسمعه الملك فيعاقبهم، ولكن ذو القرنين لم ييأس وأصر أن يفعل شيئاً لقومه.

وقد كان من صفاته العقيدة الصادقة والإيمان الراسخ والحكمة، وكان قوي البدن مفتول الذراعين، فبدأ يدعو قومه إلى الإيمان بالله وظل يدعوهم، لكنه لم يجد إلا السخرية منه ونفروا منه فأقبل ذو القرنين إلى الشباب، ودعاهم فاستجابوا له وأحبوه وآمنوا بدعوته وزادت شهرته؛ حتى أصبح الذين آمنوا بدعوته أكبر ممن كفر بها.

رؤيا ذو القرنين

ورأى ذو القرنين في منامه رؤيا عجيبة، وهي (أنه صعد إلى الشمس واقتربت منه حتى أمسك قرنيها بيده)، فقص هذه الرؤيا على أصحابه الذين فسروها قائلين له بأنه سوف يصبح ملكًا ذا جيش كبير وسيملك الدنيا من المشرق إلى المغرب، فبدأ الجهلة من قوم ذو القرنين يستهزئون به، وفسروا الرؤية على أن الملك الظالم سوف يضرب ذو القرنين على قرني رأسه، أو أنه سيقتله ويعلقه من قرني شعره.

وبسبب هذه الرؤيا سمي ذو القرنين بهذا الاسم، وبعد ازدياد عدد أنصار ذي القرنين أصبح ملكاً على البلاد، وعاهدوه على السمع والطاعة ومحاربة عدوهم حتى يرجع لهم حقهم، وكانت بلاده تدفع للملك الظالم ضريبة، وهي عبارة عن عدة بيضات من الذهب الخالص، ولما جاء وقت الدفع فوجئ الملك الظالم بأن ذو القرنين لم يدفع شيئاً، ولم يكتف بعدم الدفع فحسب، بل طرد الرجال الذين يأخذون الضريبة، وأرسل للملك الظالم رسالة يستهزئ فيها منه قائلا: (إني قد ذبحت الدجاجة التي تبيض الذهب وأكلت لحمها فليس لك شيء عندي)!!
...
فعرف الملك عن ذي القرنين بأنه شاب صغير السن فأرسل له ساخراً به (أرسلت لك كرة وسوطاً وكمية من السمسم فالكرة والسوط لتلعب بهما فإنك صغير تحب اللعب، وابتعد عن الغرور فلو كان جنودك بعدد حبات السمسم لأتيت بك)!!

فرد عليه ذو القرنين (سأنتصر عليك ولو كان جنودك بعدد حبات السمن)!!
وذهب ذو القرنين بأنصاره إلى الملك الظالم فألقى الله الرعب في قلوب سكان بلدة الملك الظالم، فذهبوا إلى ملكهم وطلبوا منه أن يتصالح مع ذي القرنين، فغضب الملك من هذا الكلام، وخرج بجيشه لملاقاة ذي القرنين الذي تمكن من هزيمته وقتل الملك الظالم، وأصبح هو الحاكم على البلد المجاورة فنشر فيها العدل والاستقرار والأمن والأمان وأفرح أهلها، وبعد هذا النصر عزم ذو القرنين على إعلاء كلمة الحق في كل مكان من الأرض، وقد مكن الله له في الأرض، وأعطاه الإمكانات الهائلة فسار إلى المغرب حتى وجد نفسه في سهول فسيحة ليس لها نهاية ذات أرض طينية سوداء، فرأى منظر غروب الشمس، حتى خيل له أنها تغوص في تلك الأرض الطينية، فوجد عند هذا المكان قومًا كافرين فانتصر عليهم، ولكنه بدلا من قتلهم أو أسرهم نصحهم وأصلح شأنهم وبنى في تلك البلاد المساجد وآمن أهل هذه البلدة.

ذو القرنين يحاصر يأجوج ومأجوج

واتجه ذو القرنين إلى المشرق وكان كلما مر على قوم دعاهم للإيمان بالله فإن آمنوا أكرمهم وإن كفروا عذبهم بشدة، وسار ذو القرنين حتى وصل إلى بلاد نهايتها المحيط فأصبح يمشي في سهول الصين فوجد فيها أودية خصبة ومناطق واسعة وهضاب وعرة وظل يمشي حتى وصل إلى فتحة واسعة وعريضة بين جبلين عاليين ووجد واراء الجبلين أمة صالحة يعبدون الله، ولكنهم لا يعرفون لغة أي من البشر؛ لأنهم منعزلون خلف الجبل وسبب عزلهم خلف الجبل أنه من هذه الفتحة بين الجبلين كانت تأتي قبيلتان متوحشتان هما يأجوج ومأجوج وكانوا يأكلون كل شيء وكانوا يعتدون على الأمة الصالحة فطلبوا المساعدة من ذي القرنين بعد أن رأوا جيشه القوي وصلاحه.

فذهبوا إلى ذي القرنين وأعلنوا إسلامهم وذكروا له خطورة يأجوج ومأجوج، وأنهم يتكاثرون بسرعة وسيفسدون الأرض، وعرضوا على ذي القرنين الأجر فرفض ذلك، وطلب منهم أن يعينوه على بناء السد، وأمر ذو القرنين القوم أن يجمعوا الحديد، وأمر المهندسين فقاسوا المسافة بين الجبلين وارتفاعهما، وأمر العمال فحفروا أساسًا في الأرض، ووضع قطعًا من الحديد بين الجبلين، وجعل بين كل طبقتين من الحديد طبقة من الفحم، ولا يزال يرفع الحديد العريض حتى سد بين الجبلين، وأشعلوا النار في الفحم حتى تحولت قطع الحديد إلى نار سائلة، وصب النحاس على الحديد المصهور فملاً الشقوق وتحول السد إلى سد عظيم عال لا يمكن النفاذ منه حتى من قبيلتي يأجوج ومأجوج.
ولما رأى ذو القرنين ما صنعه حمد الله وشكره وقال: هذا رحمة من ربي.




_2_ سليمان عليه السلام

لم تأت الأرض بملك مثله عليه السلام، ولن تأتي؛ حيث إن الله تعالى قد سخر لسليمان كل شيء، فقد سخر له الجن والإنس، وعلمه الله لغة الحيوانات وأخضع له الوحوش، وجعل الرياح تحت أمره كل هذا من ملك سليمان - عليه السلام، وسليمان هو ابن داوود عليهما السلام.

قال تعالى {وورث سليمان داوود}، وقال - صلى الله عليه وسلم - {نحن معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه فهو صدقة}، أو كما قال "صلى الله عليه وسلم".

نفهم من هذا أن سليمان لم يرث الملك من أبيه، إنما ورث النبوة؛ أي أصبح نبيًا بعده، وسأل سليمان - عليه السلام - ربه ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده فوهبه الله ذلك.
فقد كان يكلم الطير ويفهم لغتهم، ولم يكن داوود سوى فاهمًا للغة الطير، لكن لم يكن يستطيع الكلام معهم، أما سليمان فقد زاده الله على أبيه بقدرته على الكلام مع الطيور، وليس هذا فقط، بل كان قادرًا على فهم لغة النمل وسماع كلامهم بفضل من الله عليه.

ولا يتوقف ملك سليمان عند هذا الحد بل استمر إلى الرياح، حيث كان سليمان يتحكم في الريح بإذن الله، ويستطيع أن يركبها مع جنوده.
وأيضاً سخر الله لسليمان الجن والشياطين، فقد أعطاه القدرة على تشغيل الجن وتعذيبهم إن عصوا أمره، بل وأعطاه الله القدرة على ربطهم بالسلاسل، وكانت الشياطين تبني له القصور والمحاريب، وتستخرج له اللؤلؤ من قاع البحر، ومن يعصي أمره كان يربطه ويقيده في السلاسل.
كل هذا جزء صغير من ملك سليمان - عليه السلام –




موت سليمان – عليه السلام

كان الناس يتحدثون عن أن الجن تعلم الغيب، فأراد الله بموت نبيه سليمان أن يبين لهم عكس ذلك، ففي يوم من الأيام سخر سليمان الجن تسخيرًا شديدًا، وجعلهم يعملون أعمالًا شاقة، وبدأ يراقبهم وهو متكئ على عصاه وفاتح عينيه، وفي تلك اللحظة قبض سليمان ومات، وبقي الجن يعملون مدة - ذكر في الروايات أنها سنة كاملة - ولم يعلموا أنه ميت، فبدأوا يشكون في موته؛ لأنه لم يتحرك أبدًا، لكنهم خائفون من محاولة التأكد حتى أتت دابة الأرض، وهي النملة آكلة الخشب فأكلت عصا سليمان، فسقط سليمان - عليه السلام - فعلم الجن أنه مات، وعلم الناس أن الجن لا يعلمون الغيب.
هذه قصة أعظم من حكم الأرض فأي فخر أن تكون حاكم الأرض وتحكمها بالإسلام وأنت نبي، فسبحان الله الذي جمع هذا كله لرجل واحد..



_3_ النمرود

النمرود ملك جبار متكبر كافر بالنعمة مدعي الربوبية والعياذ بالله كان يحكم العالم من مملكته في بابل في العراق، وهو الذي جادل إبراهيم - خليل الرحمن - في ربه وقد كان سمع عن أن إبراهيم يدعو إلى الله - عز وجل - في بابل فأمر باستدعائه، ودار بينهما الحوار التالي: -
النمرود: ( من ربك ؟)
إبراهيم: (ربي هو الذي خلق كل شيء وهو الذي يحيي ويميت)
النمرود: (أنا أحيي وأميت)
وأمر النمرود برجلين حكم عليهما بالموت، فأطلق سراح الأول، وقتل الثاني
فغير إبراهيم - عليه السلام - حجته وذلك من فطنته
فقال إبراهيم: (فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتي بها من المغرب)
فأحس النمرود بالعجز واندهش من ذلك

وكان موت النمرود دليلا على أنه لا يملك حولًا ولا قوة إلا بإذن الله، فأرسل الله له جنديًا صغيرًا من جنوده؛ هو الذباب فكانت الذبابة تزعجه حتى دخلت إلى رأسه؛ فكانت لا تهدأ حركتها في رأسه حتى يضربوا هذا الملك الكافر بالنعال - أكرمكم الله - على وجهه، وظل على هذا الحال حتى مات ذليلاً من كثرة الضرب على رأسه.




_4_  بختنصر

هو أيضاً كسابقه كان ملكاً على بلاد بابل في العراق، ولكن قبل أن يصبح ملكًا كان قائد جيش جرار؛ قوامه مائة ألف مقاتل، وكان معروفًا للعالم بشراسته وقوته، وذهب بجيشه للشام ودمشق فخافه الدمشقيون، وطلبوا الصلح، وقدموا للبختنصر أموالا عظيمة وجواهر كثيرة وكنوزًا ثمينة فوافق وترك دمشق وذهب إلى بيت المقدس.

وكان يحكمهم ملك من نسل داوود - عليه السلام - فخرج إلى البختنصر وقدم له الطاعة، وطلب الصلح منه، وأعطاه مثل ما أعطاه الدمشقيون، بل وأخذ منهم الملك الكافر بعض أثرياء بني إسرائيل وعاد إلى بلاده وبعد أن انتهى فزع بني إسرائيل الذين أغلقوا أبوابهم عند قدوم البختنصر، وقاموا إلى ملكهم واعترضوا على هذا الصلح، وقتلوا ملكهم الذي هو من آل داوود - عليه السلام - ونقضوا عهدهم مع بختنصر فعاد بختنصر إليهم، فتحصنوا ضدهم، ولكن بختنصر تمكن من اقتحام المدينة، وقتل وخرب فيها الكثير، وذهب إلى القرى المجاورة وخربها وقتل أهلها وبقي بختنصر في بلادهم، وأحرق ما وقع تحت يديه من التوراة وأبقى النساء، والأطفال ليكونوا عبيداً لأهل بابل؛ حتى بلغ عدد الأطفال تسعين ألف طفل، كان من بين الأطفال نبي الله عزير - عليه السلام، ولما وصل البختنصر بابل وزع الأموال والأولاد على أهل بابل حتى امتلأت بيوتهم بالخير.

وجاء في تفسير الطبري:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج عن ابن جريج، قال: ثنى يعلى بن مسلم بن سعيد بن جبير، أنه سمعه يقول: كان رجل من بني إسرائيل يقرأ حتى إذا بلغ ( بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) بكى وفاضت عيناه، وطبق المصحف، فقال ذلك ما شاء الله من الزمان، ثم قال: أي ربّ أرني هذا الرجل الذي جعلت هلاك بني إسرائيل على يديه، فأري في المنام مسكينا ببابل، يقال له بختنصر.