هل الجاذبية الأرضية قوة مغناطيسية أَم شيء آخر؟
هل الجاذبية الأرضية قوة مغناطيسية
أَم شيء آخر؟
سؤالك هذا حير عقول الملايين، ولا يزال يحير الكثير. وحتى اليوم؛ لا يزال الكثير من الفيزيائيين يحاولون معرفة الجاذبية. ولكن النظرية الرئيسية اليوم هي النظرية النسبية العامة والتي طرحها أول مرة عام ١٩١٣، أي قبل ١٠٧ سنوات.
ما حير العلماء والمفكرين حول الجاذبية أنه إلى وقت قريب لم يتم اكتشاف حقول الطاقة التي تفسر الجاذبية، فهي ليس مجال مغناطيسي أو كهربائي أو غيره.
هناك اربع قوى اساسية و هي الجاذبية و القوة الكهرومغناطسية و كذلك القوة النووية الضعيفة و القوية ،هذه كلها قوى اساسية اي انها تختلف عن بعضها، و قد تم تفسير كل هاته القوى باسناد جزيئ تخيلي ينقل الطاقة و ذلك ضمن مجالات في ما يسمى بنظرية المجال الكوانتي، لكن التحدي الذي لا ينفك يفرض نفسه، هو التوفيق بين نظرية عالم الكم و نظرية النسبية العامةالجاذبية الأرضية والقوة المغناطيسية يتشاركان في أنهما عبارة عن موجات ولكل منهما قوة جذب.
ولكن من الملاحظ أن موجات الجاذبية الأرضية تجذب إليها جميع المواد والأشياء؛ بعكس قوة المجال الكهرومغناطيسي.
فهما في الواقع قوتان منفصلتان وليسا نفس الشيء.
فالجاذبية قوة تعمل على أي شيء له كتلة، بغض النظر عن مادة هذه الكتلة. وتعمل بشحنة وحيدة (الجذب).
القوة المغناطيسية تعتمد على خصائص المواد، وتعمل على شحنتين (جذب وتنافر) وتعتمد على ما يحدث في إلكترونات المادة.
القوة المغناطيسية نراها ونستعملها يوميأ ولها قوة كبيرة؛ أما قوى الجاذبية فما زالت بها بعض الغموض ولها قوة ضعيفة.
تنشأ حقول الجاذبية من خلال تراكم تركيزات المادة؛ بينما تنشأ الجاذبية المغناطيسية من خلال حركة الإلكترونات في المادة.
الجاذبية وضحها أينشتاين عن طريق النظرية النسبية الخاصة، وبعد وضع البعد الرابع (الزمكان)
فسر آينشتاين ذلك بنظريته التي طرحها ذلك الوقت، الجاذبية ليست حقل من حقول الطاقة كالكهرباء والمغناطيسية وغيرها، الجاذبية عبارة عن تشوّه في حقل الزمان والمكان (يسمى اختصارًا الزمكان)، ينتج لوجود الكتلة، وكلما زادت الكتلة، كلما زاد ذلك التشوّه، التشوّه ليس عشوائيًا وإنما يتناسب عكسيًا مع مربع المسافة، كلما ابتعدت عن مركز الكتلة كلما ضعف التشوّه، فهو يبدو مثل الانحناء الذي يحيط بالكتلة.
لأقرّب ذلك لمخيلتك، تخيّل الزمكان بأنه قطعة قماش مشدودة على حلقة دائرية، مثل الطبل (الآلة الموسيقية) ولكنها كالقماش المرن، مثل لعبة الترامبولين الشهيرة التي يقفز عليها الأطفال. تخيل ماذا يحدث لو وضعت بوسطها كرة بولنج مثلاً، ستنزل القماش مكان كرة البولنج تماماً بينما أطراف القماش ترتفع، وكلما اقتربت أكثر من كرة البولنج كلما كان القماش نازلاً أكثر وأكثر، ماذا لو وضعت كرة صغيرة مثل الكرات الزجاجية الصغيرة في طرف القماش، تجدها تنزل بشكل تلقائي حتى تصل لأدنى نقطة وتلتصق بكرة البولنج، حسنًا تخيل بدلا من تركك للكرة الزجاجية فإنك ترميها على القماش بشكل متوازٍ مع سطح كرة البولنج، تجدها ستحاول الدوران أثناء اقترابها من الكرة، وكلما كان رميك للكرة الزجاجية أسرع، كلما دارت أكثر قبل سقوطها، ولو رميتها بشكل أسرع، فإنها ستخرج من قطعة القماش، ربما يدور في فكرك الآن أنك لو رميتها بسرعة محددة فلن تسقط تحت ولن تخرج من القماش وستظل تدور، فهي أسرع من أنها تسقط، ولكنها أبطأ من أن تخرج من القماش، فكرك صحيح ولكنه غير قابل للتطبيق عمليًا لأن حركة الكرة الزجاجية معرضة للمقاومة من القماش والهواء فتفقد سرعتها تدريجيًا حتى تسقط.
هذا بالتقريب ما يحصل، تخيل كرة البولنج تلك هي الأرض، والقماش هو نسيج الزمان-المكان. فلو وضعت نفسك بعيدًا قليلاً عن الأرض فإن ميلان القماش يسحبك لأدنى نقطة فيه، الآن تخيل الكرة الزجاجية هي القمر، وهو مجرد يحاول السقوط ولكن سرعته أكبر من أن تجعله يسقط، ولكنها أيضًا أقل من تجعل القمر يبتعد، وعلى العكس من كرتنا الزجاجية والقماش، فالقمر لا يواجه مقاومة لا من الهواء ولا من نسيج الزمكان، فلا تقل سرعته مع مرور الوقت فيظل مكانه وكأنه يسقط سقوطًا حرًا لا نهائيًا.
نفس هذا التفكير يمكنك تطبيقه على الأرض والشمس والكواكب والمجرة وحتى كل المجرات في الكون. لما طرح آينشتاين نظريته تنبأ بعدة أمور تثبت نظريته بعضها حدث في حياته مثل تغير موقع نجم نتيجة انحناء الضوء بسبب تشوه الزمكان قرب الشمس، حيث تم اختبار النظرية بعد سنوات قليلة فقط أثناء كسوف كلي للشمس حيث تغير موقع أحد النجوم أثناء وجود الشمس قربه وقت الكسوف. وبعضها تم إثباته بعد وفاته، مثل تأثير سرعة الجسم على الوقت ووجود موجات الجاذبية الناجمة عن أحداث عنيفة في الكون (مثل انفجار نجم أو اندماج نجمين)، هذه الموجات تنتج نتيجة لكون تشوه الزمكان له سرعة محددة أيضًا وهي سرعة الضوء، فعند حدوث تغيرات مفاجئة في الكتلة نتيجة انفجار نجم أو دوران نجمين بشكل قريب جدًا تحصل موجات من تشوه الزمكان وتنتقل بسرعة الكون عبر الفضاء، آينشتاين تنبأ بوجودها ولكنه اعتقد أنه لا يمكن قياسها لشدة ضعفها، ولكن العلماء قبل بضع سنوات فقط استطاعوا تحسسها بل وتصنيفها وتحديد اتجاهاتها ومصدرها بمساعدة تيليسكوبات فضائية وأرضية، أغلب اكتشافات موجات الجاذبية تمت لثقوب سوداء أثناء اندماجها ببعضها، وبعضها لثقوب سوداء تندمج مع نجوم نيوترونية وآخرها نجوم نيوترونية تندمج مع بعضها.
ولنا معها مقال قريب🌹🌹
إرسال تعليق