تفسير الاحلام لابن سيرين

ابن سيرين
إن ابن سيرين هو الرائد في تفسير الاحلام ومن أكثر ما زاد من قدرة على تفسير على الأحلام أنه كان يجمع ما بين بعض منها الأمور منها الحكمة التي تميز بها، كما كان قوي في اللغة، وكان ذو بصيرة بعيدة كل هذه الأمور جعلت منه مفسر كبير كما كان سيدنا يوسف عليه السلام.وكان أقرب صديق إليه هو الصوفي الحسن البصري وأكبر دليل على صداقتهم وقربهم من بعض أنه توفي بعده فقط بـ 100 يوم، حيث كان كل واحد منهم يسير في طريق تشبه التي يسير فيها الآخر، ولقد ذكر التاريخ أنهما كانا دائمًا يسافران بغير هدف فقط للتأمل في ملكوت الله بغير قيود؛ لهذا فإن الحسن البصري قد توفي وأقيمت جنازته ولم يشهدها صديقه.
عائلة ابن سيرين
إن جد ابن سيرين كان يعيش في المنطقة التي توجد ما بين بغداد في شرق دجلة، ولقد ولد أبوبكر ابن سيرين في الفترة التي كان بها الخليفة هو عثمان بن عفان فلقد كانت ولادته قبل أن يتولى الخلافة بسنتين، أما والد أبو بكر فقد كان ملكًا لأنس بن مالك منذ بداية معرفة عين التمر التي كانت في سنة 12 هـ، والتي كانت ما بين خالد بن الوليد وجيشه والفرس والساسانية وكان ذلك في الفترة التي كان بها أبو بكر الصديق خليفة وتمكن خالد ابن الوليد أن ينتصر بها، وقبل أن تحدث هذه المعركة كان والد أبو بكر يقوم يستخدم النحاس لعمل القدور، وبعد ذلك ذهب ليعمل في منطقة عين تمر ولكنه غادر هذا المكان ليكون برفقه أنس بن مالك ولكنه بعد ذلك أعتقه ولم تقطع العلاقة بينهم، كما أنه قام بتسميه ابنه الآخر على أسمه وهو أخو أبو بكر أسمه أنس.صفاة ابن سيرين
كان دائمًا يفرق شعره ويضع به الحناء؛ لهذا فإنه كان معروف بين من حوله بشعره الذي به حناء، ولقد كان من بعض السنن وعلى الرغم من ذلك كان يحبه الناس كثيرًا بسبب كثرة الضحك، كما أنه ذو قامة قصيرة، ولقد ذكر البعض أن سخريته الدائمة التي جعلته يكتسب تفسير الرؤى، وعلى الرغم من أنه كان يضحك كثيرًا طوال النهار إلا أنه في الليل كان يبكي وهو في منزله، ولقد قال بعض الاشعار.كما أنه كان يساعد من حوله ويقضي حوائج الناس على قدر طاقته؛ لهذا فإنه عندما كان يذهب إلى السوق فكان يكبر الناس فرحًا ليساعدهم.
شهرة ابن سيرين
لقد كان لابن سيرين شهرة كبيرة بشكل خاص مع الولاة في بني أمية وذلك لأنه قدم لهم نصيحة كما قال كلمة الحق، ولقد ذكر التاريخ أن والي بني أمية الذي كان يدعى عمر بن هبيرة سأله ذات مرة على موطنه العراق: «"كيف تركت أهل مصرك يا أبا بكر (كنية ابن سيرين)؟!"» فقال محمد بن سيرين: «"تركتهم والظلم فيهم فاش وأنت عنهم لاهٍ. فغمزه ابن أخيه بمنكبه"»، فالتفت إليه قائلا: «"إنك لست الذي تُسأل عنهم وإنما أنا الذي أسأل وإنها لشهادة (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه)"» فأجزل ابن هبيرة له العطاء فلم يقبل، فعاتبه ابن أخيه قائلا: «"ما يمنعك أن تقبل هبة الأمير؟"» فقال: «"إنما أعطاني لخير ظنه بي، فإن كنت من أهل الخير كما ظن، فما ينبغي لي أن أقبل، وإن لم أكن كما ظن، فأحرى بي ألا استبيح قبول ذلك"».ورع ابن سيرين
من ضمن ورعه أنه ذات مرة سمع شخص يقوم بسب الحجاج بن يوسف وكان ذلك بعد أن توفى فقال له: «"صه يا ابن أخي، فإن الحجاج مضى إلى ربه، وإنك حين تقدم على الله عز وجل ستجد أن أحقر ذنب ارتكبته في الدنيا أشد على نفسك من أعظم ذنب اجترحه الحجاج، فلكل منكما يومئذ شأن يغنيه، واعلم يا ابن أخي أن الله عز وجل سوف يقتص من الحجاج لمن ظلمهم كما سيقتص للحجاج ممن يظلمونه، فلا تشغلن نفسك بعد اليوم بسب أحد"».علاقته ابن سيرين بأنس بن مالك
كما ذكرنا أن علاقة والدة كانت قوية مع أنس بن مالك ولقد حاز العلم منه، ولقد تعرف عليه وعمل معه فترة كان يعمل فيها كاتب، وكانت بينهم صلة صداقة قوية؛ لهذا فإن أنس عندما توفى في سنة 83 هجريًا كان ذلك في البصرة وكانت هذه الفترة في أيام الوليد بن عبد الملك، فطلب حينها أن الذي يصلي عليه هو ابن سيرين وأنه هو من يغسله، ولكن ابن سيرين في هذه الفترة كان مسجون فطلب الناس من الأمير الذي كان واحدًا من بني أسد أن يخرج ابن سيرين من السجن لينفذ الوصية ويعود من جديد وبالفعل وافق على ذلك.قصة تفسير الأحلام
لقد قام بتأليف كتاب مازال الناس إلى اليوم يتخذه على أنه مرجع لهم في تفسير الأحلام وهو كتاب ((منتخب الكلام في تفسير الأحلام)) وعلى الرغم من أن جميع الكتب التي حصلنا عليها من ابن سرين يوجد بها غموض إلى يومنا هذا ولم يتم عمل دراسات بشكل كافي حتى توضح لنا مدى عبقرية ابن سيرين، ولكنه في كتبه كان يذكر المعنى الدلالي للحلم بشكل مباشر، كما أنه كان يجمع ما بين الحلم وبين تفكير الشخص الحالم وبناء على ذلك يقوم بتفسير الحلم، ولقد كان عندما يذهب إلى السوق أو أي مجلس فإنه كان يقوم بتفسير الأحلام للناس، وكان يفسرها بكل صراحة وجراءة سواء كان ذلك مع الناس أو مع الحكام مما جعله يتعرض للكثير من المتاعب ولكنه لم يهتم.بساطة حياته
على الرغم من أنه كان يعاني بشكل كبير من الفقر إلا أنه لم يحصل على أي أموال من تفسير الأحلام لأنه كان يرى أنها موهبة من الله لم يرغب في أخذ أي مقابل عنها، وتعرض للكثير من المشاكل والسجن بسبب أنه كان يرفض تمامًا أن يأخذ أي عطايا من الأمويين.وكان طوال النهار يعمل في السوق فكان على معرفة كبيرة بكل ما يخص الثياب فكان يعرف ألوانها ويتعرف المتاجر التي يمكن الحصول عليها منها، كما كان يقوم ببيع وشراء الملابس، وكان اهتمامه بمعرفة الثياب لا يوجد لها أي تأثير على تفسيره للأحلام، وذلك لأنه لم يعطي اهتمام كبير للتجارة والربح، أما في الليل كان يقرأ ويطلع ليزيد عمله، كما أنه كان يصلي ويقرأ القرآن ويذكر الله.
معاصرته للحجاج
لقد كان معاصرًا للحجاج بن يوسف الثقفي الذي توفي في سنة 95 هـ، وعلى الرغم من هذا إلا أنه لم يسمح لأحد أن يسبب الحجاج بعد وفاته وكان يقول أن الله تبارك وتعالى هو الذي يحاسب على الذنوب، وذلك بناء على الحديث الذي ذكرناه عندما سمع شخصًا يسبب الحجاج.من كتاب تفسير الاحلام لابن سيرين
- لقد ذكر يوسف الصباغ ان ابن سيرين قد قال: «"من رأى ربه تعالى في المنام دخل الجنة"».
- لقد ذكر خالد بن دينا أن ابن سيرين قال: «"كنت عند ابن سيرين فأتاه رجل فقال يا أبا بكر رأيت في المنام كأني أشرب من بلبلة لها مثقبان فوجدت أحدهما عذبا والآخر ملحا قال ابن سيرين اتق الله لك امرأة وأنت تخالف إلى أختها"».
- لقد ذكر أبي قلابة أن رجلًا جاء إلى ابن سيرين وقال له: «"رأيت كأني أبول دما قال تأتي امرأتك وهي حائض قال نعم قال اتق الله ولا تعد"».
- لقد ذكر أبي جعفر أنه ابن سيرين قال: «"أن رجلا رأى في المنام كأن في حجره صبيا يصيح فقص رؤياه على ابن سيرين فقال اتق الله ولا تضرب العود"».
- لقد كان ابن سيرين أن رجلًا جاء إليه فقال: «"رأيت كأني أحرث أرضا لا تنبت قال أنت رجل تعزل عن امرأتك"».
ثناء العلماء على ابن سيرين
لقد ذكر العديد المفسرين الكثير من الأقاويل عن ابن سيرين والتي سوف نوضح لكم فيما يلي بعضها:- لقد قال مورق العجلي عن ابن سيرين: «"ما رأيت رجلا أفقه في ورعه، ولا أورع في فقهه من محمد بن سيرين"».
- لقد قال ابن عون ثلاث أشخاص لم تر عيناي مثلهم: «"ابن سيرين بالعراق، والقاسم بن محمد بالحجاز، ورجاء بن حيوة بالشام، كأنهم التقوا فتواصوا"».
- كما ذكر محمد بن جرير الطبري عن ابن سيرين: «"كان ابن سيرين فقيهًا، عالمًا، ورعًا، أديبًا، كثير الحديث، صدوقًا، شهد له أهل العلم والفضل بذلك، وهو حجة"».
شبهات حول صحة نسبة كتاب تفسير الأحلام
إن كتاب تفسير الأحلام الذي يقرأه الناس اليوم ومنتشر بينهم معروف أن الذي قام بتأليفه هو ابن سيرين، ولعل السبب في ذلك يعود إلى كثرة تحدث العلماء عن ابن سيرين وعن قدرته العالية في تفسير الأحلام، ولكن على الرغم من ذلك لم يتحد أي عالم على أن ابن سيرين قام بتفسير كتاب لتفسير الاحلام.كما أن ابن سيرين لم يكن يقوم بكتابة كتبه بنفسه بل كان يجعل أي شخص يقوم بالكتابة عنه من زملائه على الرغم من أنه كان يعرف الكتابة، وعلى الاجح أن هذا الكتاب منسوب إلى الشافعي عبد الملك بن محمد الخركوشي الذي يعرف باسم أبي سعد الواعظ الذي توفي في عام 407 ه.