-->

هل هذه اللوحة دليل على مسافر عبر الزمن أم شيء آخر ؟

 هل هذه اللوحة دليل على مسافر عبر الزمن أم شيء آخر ؟

هل هذه اللوحة دليل على مسافر عبر الزمن أم شيء آخر ؟

ليس من الواضح بالضبط من هو هذا الرجل في اللوحة لكنه ربما يكون قد ظهر في صورة سيلفي أو يتصفح أخباره !،  يبدو أنه يحدق في الجهاز المحمول بطريقة تجعله مألوفاً جداً اليوم كما لو أنه قرأ للتو تغريدة سيئة أو إشعاراً .

لكن تلك اللوحة الجدارية التي تحمل عنوان  Pynchon and the Settling of Springfield تعود إلى ما قبل iPhone بسبعة عقود ، وجرى الانتهاء منها في عام 1937 من قبل الرسام الإيطالي الراحل أومبرتو رومانو ، وفكرتها مبنية على أحداث فعلية وقعت خلالها مواجهات بين المستوطنين الإنجليز وقبيلتين بارزتين من الهنود الحمر في نيو إنجلاند هما بوكوموتك ونيبموك ، في قرية أجوام في ولاية ماساتشوستس الأمريكية الحالية وذلك في ثلاثينيات القرن السابع عشر 1630s ،أي  قبل حوالي 200 عام من ظهور الكهرباء.

ويمكننا التثبت تاريخياً من أن الهاتف الخليوي المحمول قد بدأ في 3 أبريل 1973 أي  قبل أربعة عقود تقريباً من إعلان ستيف جوبز في عام 2007 عن ما يسمى بـ الهاتف الذكي أو آيفون ، بعبارة أخرى : ما يحمله الرجل في اللوحة لا يمكن أن يكون جهاز آيفون iPhone فما هو إذن  ؟ 

هل هي مرآة ؟ 

هناك شيء لامع يدقق فيه الرجل في اللوحة ، خصوصاً أنه يجلس داخل صندوق مليء بما يشبه الأباريق الخزفية ،أو مليء بالسلع التجارية ، وهناك سبب للاعتقاد إذن أن ما يتفحصه الرجل ليس شيئاً أصلياً من حضارته بل من أصل أوروبي مثل المرايا، والتي كانت تُعرض كثيراً ، إذا دققت في الطريقة التي يحملها الرجل وإذا كان بالفعل ينظر إلى إنعكاس وجهه سيكون بالتأكيد منطقياً.

فعندما قدم الأوروبيون مثل هذه الأجهزة العاكسة للشعوب الأصلية في القرن السابع عشر قام العديد من قبائلهم بدمج المرايا في السياقات الجمالية والثقافية القبلية ، كما كتبت خبيرة الفن والأزياء والتصميم للسكان الأصليين الدكتورة جيسيكا آر ميتكالف في منشور مدونة عام 2011 حول دور المرايا في ثقافة السكان الأصليين ، بالنسبة للأمريكيين الأصليين كانت المرايا رمزاً للثروة والمكانة، كانت تُركب عادةً في هراوات الرقص أو غيرها من الأشياء ذات الشعارات الاحتفالية ، نظراً لأن لها خاصية عاكسة للضوء ، وفي سياق وجهة النظر هذه ، يمكن القول إن الشعوب الأصلية ، التي من المحتمل أن تستخدم الخصائص العاكسة للصور لبرك المياه حسب الحاجة قبل ظهور الأوروبيين قد قلبت الفكرة الاستعمارية للمرايا من الداخل إلى الخارج ، ولا يزال بإمكاننا النظر كيف سحرت فيها التكنولوجيا الأجنبية فرداً واحداً لأول مرة

هل هي نسخة من نص ديني ؟

هناك نظرية أخرى محتملة توسع فكرة التأثير الخارجي ، فإن لم  يكن هذا الغرض مرآة فإن ما يحمله الرجل قد يكون نسخة بحجم الجيب من نص ديني، ربما كان " أحد الأناجيل " أو من "المزامير" التي كانت موجودة في ذلك الوقت وكان لها تقريباً نفس الشكل المستطيل".

هل هو نصل حديدي ؟

عرضت الدكتورة مارغريت بروتشاك أستاذة مساعدة في الأنثروبولوجيا من جامعة بنسلفانيا ، نظرية أخرى ووفقاً لها  من المحتمل أن الغرض هو في الواقع نصل حديدي مع وجود حافة حادة على راحة الرجل.

لوحة مليئة بالأخطاء

 سلطت بروتشاك الضوء على دقة اللوحة وقالت: "هناك الكثير من الأشياء الخاطئة في هذه الصورة لدرجة أنه من الصعب معرفة من أين نبدأ ..  من الواضح أن هذا الفنان لم ير فعلاً الكثير من الأشياء التي صورها في اللوحة" ، ففي حين أن السكاكين والشفرات الحديدية كانت من العناصر التجارية الشائعة خلال القرن السابع عشر ، أوضحت بورتشاك كيف يجب أن يكون للتصوير الدقيق للشفرة ثقب مخصص لتثبيته بمقبض لفأس أو توماهوك وهو غير موجود في اللوحة، كما أن الصندوق الذي يجلس فيه الرجل والذي تشك في أنه زورق مخبأ أو صندوق شحن : " لا يشبه أي حاوية خشبية تاريخية أو قارب من أي دولة " ، وإذا كان المقصود من الغرض المحمول هو المرآة فإنها لا تملك مقبض ،ولون البدلة الإنجليزية خاطئ فهي وردية بدلاً من أن تكون حمراء،  أضف إلى ذلك هناك ساحرة تركب مكنسة في الخلفية البعيدة من اللوحة.

وتقول بروتشاك: "يكفي أن نقول إن هذه الصورة عبارة عن سجل لصنف فني رومانسي يخبرنا كثيراً عن الأوهام الأمريكية الحديثة وخيالات الهيمنة البيضاء الاستعمارية على الهنود بينما لا تنقل أي معلومات مفيدة تقريباً عن الشعوب الأمريكية الأصلية أنفسهم".

مع ذلك ، عندما يتعلق الأمر بما يحمله الرجل المعني ، تقول : " إنه يحمل تشابهاً غريباً مع الهاتف الذكي نوعاً ما سواء في الطريقة التي يحمله بها أو بالطريقة التي يركز فيها انتباهه عليه ".

عزيزي القارئ ، لك أن تختار التفسير الذي يناسبك لهذا الغرض المحمول إذا لا يوجد إجابة حاسمة ولكن تذكر أن هناك فرق كبير بين ما ترغب أن تراه و ما تصوره اللوحة حقا.

ومع ذلك علينا الإبتعاد عن نظريات غريبة مثل السفر عبر الزمن رغم أنها ممكنة فيزيائياً لأن التفسيرات البسيطة المألوفة تكون عادة أكثر قرباً من واقع الحال.